top of page

اللغة العربية ، لغة الإسلام والمسلمين

من العجيب أن تشاء الأقدار أن أرحل من بلدي الحبيب قطاع غزة بفلسطين، مهاجرة لبلد لا أتحدث لغتها ولا أعلم ثقافتها، غير أن الله ميّز الإنسان بالعلم فعلمه ما لم يعلم، ووهبه القدرة على التكيّف والتأقلم مع أي ظروف جديدة تحيط به، دأبه دأب أي كائن حي لم يخلقه الله ليهلك، بل ليحيى وزادنا بفضله أن جعل على يدنا عمارة الأرض وكرمنا بالخلافة فيها والرعاية لسائر المخلوقات عليها

ولعل من أكثر الأمور بعداً عن مخيلتي وخططي، هو أن أحظى بشرف تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها في مدرسة دولية جديدة لم أكن أعلم أنها ستغير مسار حياتي وتجعلني أحب لغتي لهذه الدرجة قد قادني ذلك للتأمل والتفكير لفترات طويلة، جعلتني أكثر سلاماً مع عروبتي وأكثر فخراً بإسلامي.

خلال عملي كمعلمة للغة العربية في مدرسة عابدين، كان لدي بعض الملاحظات التي أود أن أضعها ليستفيد منها من يقرؤها وربما يضيف لها ما يستطيع لتحسين تعليم اللغة العربية حول العالم.

أذكر من هذه الملاحظات أن هناك فكرة سائدة لدى معظم غير الناطقين بالعربية بأنها لغة صعبة جداً يصعب تعلمها، غير أنني أؤكد أن أولئك المستصعبين لها قد واجهوا صعوبة الأسلوب والوسيلة المستخدمة في التعليم، إذ أنني وجدت الطلبة في مدرسة عابدين سريعي التعلم والفهم والحفظ لكل ما يتعلمونه من معلومات يقومون بممارستها، فالأساس هو التدرج في تقديم المعلومات وتبسيطها بما يتناسب مع استيعاب واستعداد الفئة المستهدفة.

الأمر الأهم أنه بخلاف ما كنا نتعلم في المدارس بأن اللغات بشكل عام هي مواد دراسية تلقينية تعتمد على الحفظ فقط، إلا أن الحال يختلف ربما في اللغة العربية فإن لم يفهم المتعلم جيداً أقسام الكلام وقوانين الصياغة في اللغة العربية لن يتمكن أبداً من إتقانها، لذا نرى الكثيرين ممن يتكلمون العربية كلغة ثانية دون فهم لها يخاطبون الأنثى بصيغة الذكر والجماعة بصيغة المفرد وهم لا يعلمون الفرق اللغوي بين هذا وذاك.

ومن هنا وجدت الحاجة ماسة لاستخدام مختلف الوسائل التي تساعد في الفهم والتذكر كالألعاب والصور والمقاطع المرئية، وكلها تتصل اتصالاً مباشراً بالذاكرة، كما اعتمدت بشكل غير معتاد على الكتابة ولاحظت أن الذي لا يكتب لا يتذكر ولا يفهم.

وحقيقة في كل مرة كنت أرى تقدم الطلبة في اللغة العربية كنت أدرك فعلا مدى عظمة الله، فلم يكن ليخلق للناس ما يزيد عبادتهم تعقيداً وصعوبة بل قد أنزل لنا قرآناً عربياً، سهلاً يسيراً شفاءً للصدور، وقال عنه سبحانه وتعالى:

"وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ"

bottom of page